الجرافيتي معلم متميز من معالم ثورتنا العربية الواحدة بوصفه وسيلة التعبير المتحررة من أى قيد والتي من خلالها نجح شباب الثورة في إيصال صوته وأفكاره إلى قطاعات واسعة من الجماهير. الجرافيتي هو أيضا وقبل أي شيئ آخر ممارسة ثورية، تحدٍ لأكثر من سلطة تحاصر الإبداع والتعبير عن الذات وتختزله فى أطر ضيقة محاولةً تدجينه وإحتباسه في إطار التقليدى والتجاري والمبتذل.
عن الجرافيتي في إطار الإنتفاضات العربية يقدم هاني نعيم (هانيبال) كتابه “غرافيتي الإنتفاضات: رحلة إلى كواليس لغة الشارع” الذي يصدر الشهر القادم في بيروت عن دار العربية للعلوم ناشرون.
إنقلاب الصورة. هذا ما نشهده في عالم ما بين الأزرقين. يتناول هذا الكتاب الإنتفاضات التي تراوحت ما بين اللاعنف والعنف، من خلال الغرافيتي الذي برز كأحد الأدوات الأساسيّة في مواجهة الطغاة والأنظمة.
وللخوض في تجارب الغرافيتي التي رافقت الإنتفاضات، يبدأ الكتاب في مقدمته بفهم العلاقة ما بين الدكتاتور والفضاء العام، وتفكيكها، من خلال قراءة رمزيّة وضع صور الدكتاتور في الشوارع الكبرى والساحات العامة للمدن التي تعني أنّ البلاد خاضعة لحكمه، وكيف أنّ إزالة هذه الصور (والتماثيل) أثناء الإنتفاضات يعني سقوط الدكتاتور وحكمه.
بعد تفكيك هذه العلاقة الجدليّة ما بين الطاغية والفضاء العام، يأخذك الكاتب برحلة إلى كواليس الغرافيتي السياسي، والعمليّة الطويلة التي يمر بها قبل وصوله إلى الجدران. وفي فصوله التالية، ينطلق برحلته التحليليّة لتجارب الغرافيتي من شوارع تونس إلى أزقّة اليمن، مروراً بليبيا، مصر، سوريا، لبنان والبحرين.
لا يغفل الكتاب تحليل استخدام الرموز البصريّة القديمة، وابتكار الرموز الجديدة في معركة مقاومة السلطات البطريركيّة.
هذا الكتاب هو قراءة للتحوّلات التي عشناها، ونعيشها. هو رحلة توثيقيّة- تحليليّة إلى أعماق وجذور الغرافيتي، الذي حمل معاناة، آلام، وأحلام الشارع، أثناء الإنتفاضات والثورات.